التحدي "الأشد خطورة" في صناعة الفولاذ المقاوم للصدأ ليس تقلبات السوق، بل القيود العالمية المتزايدة

وفقاً لتقارير إعلامية دولية بتاريخ 3 نوفمبر 2025، فإن التحدي الأكبر الذي تواجهه صناعة الفولاذ المقاوم للصدأ حالياً لم يعد يتمثل في تقلبات الأسعار قصيرة الأجل، بل في القيود التجارية العالمية المتزايدة صرامةً والمدفوعة بالعوامل الجيوسياسية.

وقد أصبح هذا الرأي محل إجماع بين قادة الصناعة المشاركين في المؤتمر العالمي لإعادة التدوير التابع لـ المكتب الدولي لإعادة التدوير (BIR)، الذي عُقد في بانكوك – تايلاند خلال الفترة من 27 إلى 28 أكتوبر 2025. وأشار الخبراء في المؤتمر إلى أن الإقليمية، والقيود المفروضة على الصادرات، وتصاعد النزعة الحمائية تدفع صناعة الفولاذ المقاوم للصدأ والسبائك الخاصة إلى بيئة تجارية عالمية أكثر تعقيداً وتجزؤاً.

1. رياح معاكسة للتجارة العالمية: الحمائية أصبحت القاعدة الجديدة

تركزت مناقشات المؤتمر حول التحول من "العولمة إلى الإقليمية". وذكرت كبيرة الاقتصاديين في مجموعة ReMA الأمريكية أن البيئة التجارية العالمية لن تكون متفائلة على المدى المتوسط.

وأشارت إلى أن الفجوة في فهم صانعي السياسات بين المواد المعاد تدويرها والموارد الأولية تؤدي إلى تشوهات في السوق. كما أن اللوائح الجديدة الخاصة بتراخيص التصدير وسياسات "الأولوية المحلية" قد تزيد من هذه التشوهات، في حين أن التداعيات المتسلسلة الناتجة عن القيود التجارية قد تخلق سوقاً مجزأة لا تفيد أي طرف.

2. تباين الأسواق: الولايات المتحدة تبقى في موقع القوة

شارك الرئيس التنفيذي لشركة HSKU Raw Material Ltd.، وهي شركة تايوانية لمعالجة خردة الفولاذ المقاوم للصدأ، رؤيته الإقليمية، مشيراً إلى أن الطلب في السوق الصيني ما زال ضعيفاً وسط التوترات الجمركية الحالية.

وأضاف أن صناعة الفولاذ المقاوم للصدأ في الهند تمتلك إمكانات نمو كبيرة، لكنها تواجه أيضاً حواجز جمركية في أسواق مثل الولايات المتحدة. وفي المقابل، يستمر السوق الأمريكي في الأداء الجيد بفضل الرسوم الجمركية التي تصل إلى 50٪ وطلب محلي مستقر، حيث تتجاوز نسبة استغلال طاقة الصهر 80٪.

ومن المتوقع أن تزداد هذه النزعة قوة. فقد تحدث المدير العام لشركة Cronimet (ومقرها سنغافورة) عن ما يُعرف بـ "تأثير ترامب"، موضحاً أن تأثير السياسات التي وضعها الرئيس الأمريكي السابق لم يظهر بالكامل بعد. وتوقع انخفاضاً في صادرات الخردة الأمريكية مع زيادة استهلاكها داخلياً، مما سيؤدي إلى نقص مؤقت في المعروض لدى المشترين الآسيويين.

3. الهند وأوروبا: استجابة نشطة للتغيرات

في مواجهة تراجع العولمة وصعود الإقليمية، بدأت الدول بالبحث عن حلول عملية.

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة BigMint أن الحكومة الهندية تتخذ إجراءات لحماية إنتاجها المحلي من الفولاذ المقاوم للصدأ. ونظراً لمحدودية موارد الخردة المحلية، تتجه مصانع الصلب الهندية إلى استخدام النيكل الخام الحديدي (NPI) كبديل للمواد الخام. ولضمان أمن سلاسل الإمداد، استثمرت شركة Jindal – أكبر منتج للفولاذ المقاوم للصدأ في الهند – في إنشاء مصنع NPI في إندونيسيا.

أما في أوروبا، فسيصبح آلية تعديل حدود الكربون (CBAM)، التي من المقرر تطبيقها الكامل في عام 2026، متغيراً جديداً في التجارة العالمية. ويرى الرئيس التنفيذي لشركة Xinggu أن هذه الآلية ستعود بالنفع على المدى الطويل على صناعة الفولاذ المقاوم للصدأ وإعادة التدوير في أوروبا من خلال تعزيز التحول الأخضر، لكنه حذر من أن مرحلة الانتقال ستشهد حتماً حالة من عدم اليقين الإداري والتنظيمي.

الخلاصة

تشير المناقشات في مؤتمر بانكوك إلى أن صناعة الفولاذ المقاوم للصدأ دخلت عصراً جديداً تقوده السياسات بدلاً من قوى السوق البحتة.

ورغم أهمية مراقبة التقلبات قصيرة الأجل، فإن مفتاح النمو المستدام للشركات وللصناعة ككل يكمن في معالجة التحديات الهيكلية الأعمق مثل الحمائية التجارية، وحواجز الكربون، وإقليمية سلاسل التوريد.

يتعين على الفاعلين في القطاع إعادة تقييم استراتيجياتهم العالمية وإعادة هيكلتها برؤية استباقية لبناء المرونة في بيئة جديدة مليئة بعدم اليقين.